قال كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي سايمون جونسون الخميس إن وضع الأسواق المالية المتدهور حالياً يشكل الخطر الرئيسي على الاقتصاد العالمي الذي ضعفت آفاقه في الأشهر الأخيرة. وأضاف أن «ترسخ الميول الحالية وتواصلها في الأسواق العالمية يشكل الخطر الرئيسي على النمو العالمي». وقال جونسون الذي كان يعرض على الصحافيين تحليل صندوق النقد الدولي حول «الآفاق الاقتصادية العالمية» المقبلة إن «النمو الاقتصادي الأميركي توقف عملياً». وأضاف «نتوقع أن يبقى هذا النمو ضعيفا خلال الأشهر المقبلة». واعتبر ان أوروبا لن تكون بمعزل عن ذلك لكن تأثير التباطؤ قد يحصل مع بعض التأخر. وخفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2008 وذلك للمرة الثانية هذا العام لتصل إلى 7. 3% من 1. 4% في تقديرات يناير. وتقدر المراجعة الأخيرة نمو الاقتصاد العالمي بأدنى مستوى منذ عام 2002 عندما بلغ معدل النمو 1. 3%.
وقال متحدث باسم الصندوق مؤكداً نسخاً تسربت من تقرير توقعات الاقتصاد العالمي والمقرر صدوره في وقت لاحق من الأسبوع الحالي «أستطيع تأكيد أن التوقع الحالي لصندوق النقد الدولي لمجمل النمو العالمي في 2008 يبلغ 7. 3%». ويقر التعديل بأن تدهور سوق الإسكان الأميركية وما ترتب عليه من انكماش الائتمان قد ألحقا خسائر كبيرة بالاقتصاد العالمي. وتوقع الصندوق أن يظل الاقتصاد الأميركي ضعيفاً في الفصول القادمة نظراً لتفاقم المشاكل في أسواق الإسكان والائتمان. وأوضح «رغم رد الفعل القوي من جانب صناع السياسات الأميركيين إلا أن شح الائتمان وارتفاع أسعار الطاقة وضعف أسواق العمل وضعف سوق الإسكان تتضافر جميعها لتلقي بثقلها على الاقتصاد في المدى القريب».
ومضى يقول: إن تغلغل وتفشي الضغوط في أسواق المال يشكلان أكبر تهديد للاقتصاد العالمي مع توقع ضعف نمو اقتصادات صاعدة رئيسية أيضاً لكن بدرجة أقل. وحذّر من أن تفاقم المشكلات في أسواق الإسكان والائتمان الأميركية قد يبطئ بدرجة أكبر الاقتصاد الأميركي ويثقل كاهل منحنى الانتعاش. ورأى ان اضطراب أسواق المال قد يكبح التدفقات المالية على الدول النامية في مناطق مثل شرق أوروبا والتي استفادت من استقبال تدفقات مصرفية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وأضاف أن ضعف النمو العالمي قد ينال من الصادرات ويتسبب في تراجع أسعار السلع الأولية، موضحاً أن ارتفاع أسعار النفط والغذاء في الأسواق العالمية قد زاد الضغوط التضخمية في أنحاء العالم. لكن الصندوق أشار إلى أن الدول النامية في وضع طيب يمكنها من النجاة من الأزمة الاقتصادية الحالية. وقال إن الدول الصناعية التي تملك أسواقاً مالية وتمويلاً عقارياً أكثر تطوراً أضيرت بشدة نتيجة عملية التصحيح في أسعار المنازل، وستتضرر بدرجة أكبر من الدول الأكثر فقراً حيث يقل فيها عدد من يستطيعون الحصول على قروض ائتمان.
وقال المدير العام للصندوق دومينيك شتراوس كان لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية إن توقعات النمو الاقتصادي الأميركي الصادرة في يناير ينبغي تعديلها بالانخفاض رغم أنه لم يقدم أرقاماً عن التوقعات الجديدة. وجاء في الفصول التحليلية للتقرير أن اقتصادات الدول الأكثر فقراً ستتعرض في المقابل لآثار عكسية أقل نتيجة لأزمة المنازل. ورأى أن الدول النامية تتمتع «بقاعدة صلبة من نموها المستدام» من خلال ارتفاع صادرات القطاع التصنيعي والقفزة في أسعار السلع التي عززت الاندماج بين اقتصادات العالم. وقال إن آفاق الاقتصاد العالمي تتفاوت نتيجة لذلك وأضاف إنني «لا أستطيع أن أتذكر وقتاً شاهدنا فيه الانقسام الكبير بين أسواق السلع والائتمان العالمية فكل منها تبعث بإشارات متضاربة فيما يتعلق بآفاق الاقتصاد العالمي».
وفي ذات السياق حذر ثلاثة من صناع القرار في البنك المركزي الأوروبي من أن التضخم القياسي في منطقة اليورو قد يثير موجة ارتفاعات في الأجور والأسعار على خلفية من تباطؤ النمو الاقتصادي. وقال أعضاء مجلس البنك نوت فلينكه وكلوس ليبشر ونيكولاس جارجاناس إنهم قلقون بشأن أحدث بيانات عن الأسعار وان ارتفاع أسعار المواد الغذائية لا يتعين ان يرفع أسعار السلع الأخرى أو يقود إلى المزيد من اتفاقات الأجور الأكثر سخاء