«يافع» اليمنية .. عبقرية المباني وهجرة الإنسان
منذ أكثر من 200 عام والشاعر اليافعي يحيى عمر يتغنى بيافع وقراها وجبالها وسهولها حتى وصلت أشعاره إلى الهند واندونيسيا وغيرها من المدن، ومن أشعاره المشهورة التي تغنى بها الكثير من الفنانين اليمنيين والسعوديين قصيدة قال فيها: ليت الهند في يافع، او ليتكم بأرض يافع يا أهل هندستان، ما كان أناشي ممن أهلي والوطن ضائع، وان سبتكم قال لي ذا القلب عود الآن، كم لي وأنا بالمراكب نازلاً طالع، تلعب بي أمواج بحر اللول والمرجان.
وهكذا تبقى الإبداعات شاهدة على قدرة الإنسان في التألق ومخاطبة الجمال، ولولا الجمال الطبيعي ليافع والتي تتجلى فيها قدرات الخالق عز وجل لما خرجت هذه الأشعار منها وما ارتفعت مبانيها شاهقة تطال السماء بفنونها وزخرفتها الجميلة، وهذا ما نشاهده اليوم في شكل المنزل اليافعي وفي النمط المعماري المميز عن باقي أنماط البناء في اليمن والفضل يعود في ذلك للمجتمع اليافعي الذي حافظ على أسلوب حياته وسكنه وحماه من عولمة المباني الصماء، كما تلعب البيئة دوراً كبيراً ورئيسياً في تشكيل عادات وتقاليد المجتمع اليافعي، وأيضا في المناخ والتضاريس اللذين لعبا دورا كبيرا في الحفاظ على النمط المعماري الجميل.
ويتكون البيت اليافعي من مكونات ثلاثة هي: الأحجار والأخشاب ومادة الطين وتسمى عند أهل يافع (اللبن)، وبطوابقه العديدة التي يفصلها عن بعضها حزام يربط كل طابق بالآخر، وأهم مايميز البيت تلك الزوائد التي تشيد أعلى المبنى متوزعة في أركانه الأربعة، ولا يخرج البيت مهما ارتفع وتعددت طوابقه من الأحجار ذات اللونين البرتغالي والأصفر.
وتتميز يافع بسهولها ووديانها الجميلة مثل وادي يهر الشهير الغني بأشجار الفواكه والحبوب وخاصة شجرة البن الذي يعد من أفضل أنواع البن في العالم، كما تشتهر أيضا بمرتفعاتها الشاهقة وخاصة جبال (ثمر والعر والسعدي) ويطلان على العديد من الأودية والمدرجات الزراعية التي تكثر فيها النباتات والأشجار الكثيفة.
يقول الباحثون إن اسم يافع يحمل أكثر من دلالة من جانب فهو يدل على يافع المنطقة ويافع القبيلة وتعني أيضا الولد اليافع، كما عرفت قديماً باسم (دهسم) أو (دهس) وكذلك (سرو حمير) وفيها عدة قبائل، غير أن قبيلة يافع تعد من أهم القبائل اليمنية التي هبت لنصرة الإسلام وكان رجالها في طليعة الجيوش الإسلامية الفاتحة للشام ومصر، ومن أشهرهم سراج بن شهاب اليافعي الرعيني وحسان بن زياد، ومنذ ذلك الحين والإنسان اليافعي يعيش حالة متواصلة من الاغتراب حيث يعيش الكثير منهم في دول الخليج العربية والسعودية وفي دول شرق آسيا والهند وفي أميركا وبريطانيا وفي العديد من دول العالم، إلا انه مازال يرتبط بمسقط رأسه من خلال زياراته لها في الأعياد والمناسبات.
صنعاء ـ فهمي سالم السعدي