يعتقد ان النقود ظهرت كوسيلة للتبادل في القرن السادس قبل الميلاد، وقد ارتكزت قيمتها بشكل كبير على المعادن النفيسة لاسيما الذهب حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، التي خرجت الولايات المتحدة ممتلكة نحو أربعة أخماس الذهب العالمي.
وكانت اتفاقية بريتون وودز محطة أساسية لتكريس هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي. ففي الفترة الممتدة بين 1 و22 تموز 1944 اجتمع ممثلو 44 دولة في ولاية نيو هامبشير الأميركية لبحث كيفية ايجاد نوع من الثبات في السياسات النقدية واسعار الصرف، وتقرر ربط سعر العملات العالمية بالدولار الأميركي مع هامش بسيط للانخفاض والارتفاع لا يزيد عن 10 في المئة من السعر الأساسي، علماً أن الدولار في هذه الفترة كان مدعوماً بالذهب على قاعدة 35 دولاراً للاونصة.
استمر العمل بهذه الاتفاقية حتى العام 1971، عندما رفض الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون تبديل الدولار بالذهب، ما شكل خرقاً للاتفافيات، بحيث لم تعد العملة الأميركية مغطاة بالذهب، وبات التعامل بالعملة الخضراء يعتمد على الثقة بالاقتصاد الأميركي، وعليه اصبحت أسعار الصرف تتراوح بين "سعر صرف ثابت" (يعمتد على ربط العملة الوطنية بعملة واحدة أو سلة من العملات)، و"سعر صرف مرن" (أي اخضاع النقود لقانون العرض والطلب).
ونتيجة لهذه المسيرة أصبح الدولار الاميركي يشكل نحو 70 في المئة من الاحتياطات النقدية العالمية، ما يطرح في هذا الإطار تساؤلات عديدة حول الوضع الذي ستؤول إليه عملات العالم في حال حدوث أي انهيار في امبراطورية الدولار.
ويبدو أن دولا كثيرة بدأت بالاستعداد لاستيعاب احتمال وقوع كارثة كهذه حيث أعلنت كل من الصين وروسيا عزمها استبدال احتياطاتها بالعملات الاجنبية من الدولار إلى اليورو، في حين دعت كل من إيران وفنزويلا خلال القمة الأخيرة لمنظمة الدول المصدرة للنفط إلى فك الارتباط بين سعر البرميل والدولار، رغم أن هذا الاقتراح لقي تحفظات من قبل الدول الخليجية.
ويرى كثيرون أن انهيار الدولار سيتسبب في دخول العالم في ركود اقتصادي خطير، خصوصاً بالنسبة للدول التي تعاني من ارتفاع كبير في ديونها الخارجة، بحيث أنها لن تستطيع الحصول على ايرادات كافية لتسديدها. حتى أن اقتصاد دول مثل استراليا وكندا وبريطانيا ستنهار كلياً، كنتيجة لمديونتها، وعدم قدرتها على دفع فوائد ديونها.
وبدوره سيتأثر اقتصاد الدول الآسيوية التي تعتمد على التجارة مع الولايات المتحدة، ولكن تلك الدول ستكون قادرة على الشفاء بعد فترة.
أما الاتحاد الأوروبي فقد يكون في موقع يمكّنه من تجاوز الفوضى الاقتصادية المقبلة، إذ أن تدفق رؤوس الأموال الآتية من الدول التي "ستبيع دولاراتها" في منطقة اليورو، ستؤمن التمويل اللازم لإعادة بناء اقتصاديات "الولايات المتحدة الأوروبية".