تذكر الأزمة الأميركية الحالية بتجارب مريرة عديدة شهدها العالم على مدى قرون، ولعل أبرزها الأزمة الاقتصادية الكبرى في العام 1929، التي انطلقت من "وول ستريت" لتنتشر في أوروبا وكافة أنحاء المعمورة، مخلفة نتائج اقتصادية واجتماعية وسياسية مدمرة، وكانت أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب العالمية الثانية.
ولعل أهم العوامل التي واكبت تلك الأزمة آنذاك، هو الانتعاش الكبير الذي شهده الاقتصاد الأميركي بعد الحرب العالمية الأولى، في مقابل التدهور في اقتصاديات الدول الأوروبية التي خرجت منهكة من تلك الحرب، والازدهار الكبير الذي عرفه القطاع الصناعي في الولايات المتحدة، وتوافر رؤوس الأموال والثروات الطبيعية والسوق الاستهلاكية، ما ادى إلى انتشار المضاربة داخل الأسواق وارتفاع أسعار الأسهم.
لكنّ هذا الارتفاع كان اصطناعياً، وهذا ما تسبب في عرض متزايد لها، خصوصاً يوم 24 تشرين الأول 1929، الذي عرف ب"الخميس الأسود"، حيث انهارت أسهم "وول ستريت"، ما تسبب في موجة إفلاس ضربت المصارف الأميركية، التي سحبت اموالها من اوروبا، الأمر الذي ساهم في امتداد الأزمة إلى كافة أقطار العالم.
وعلى مدى الأشهر العشرة الأولى من العام 1930 انهار 744 مصرفاً اميركا، وقد ارتفع هذا العدد إلى حوالي 9 آلاف في نهاية الثلاثينات، حيث فقد المدخرون ما يوازي اليوم 140 مليار دولار من ودائعهم، عدا بلوغ المؤشرات الاقتصادية الاخرى أرقاماً مخيفة، حيث ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة من أربعة في المئة قبل الأزمة إلى 25 في المئة.
وقد تلت هذه الأزمة مجموعة أخرى من الخضات أبرزها:
1953: ركود اقتصادي يستمر لعام واحد بعد الحرب الكورية، وذلك بعد زيادة الانفاق على الاعمال العسكرية والأمن القومي.
1973: أزمة في قطاع النفط في أعقاب الحرب العربية-الاسرائيلية، وتداعيات حرب فيتنام، استمرت هذه الازمة لأكثر من عامين.
19 تشرين الأول 1987: انهيار في بورصة وول ستريت، بعدما انخفض مؤشر "داو جونز" بنسبة 22,6 في المئة في اعقاب عجز تجاري كبير، وقد امتدت آثاره إلى كافة الأسواق المالية العالمية. وهو الانهيار الأول في عصر المعلوماتية.
آب 1988: أزمة في روسيا، مع خسارة الروبل 60 في المئة من قيمته في احد عشر يوما.
1997: أزمة النمور الاقتصادية الآسيوية التي وصلت تداعياتها إلى روسيا.
2000: انتهاء فقاعة الانترنت، حيث تراجعت المخاوف المحيطة بقيمة الاسهم المالية المرتبطة بالانترنت والتقنيات الجديدة. وسجل مؤشر ناسداك رقما قياسيا بلغ 504862 نقطة في العاشر من آذار, ويضم هذا المؤشر ابرز اسهم الانترنت والتكنولوجيا. الا انه عاد وتراجع بنسبة 27 في المئة خلال الاسبوعين الاولين من شهر نيسان وبنسبة 39.3 في المئة على مدى سنة. وانعكس هذا الهبوط على كل الاسواق المتصلة بالاقتصاد الجديد.
2001: اقفلت بورصة نيويورك لمدة اسبوع بعد هجمات 11 أيلول، وتعرض مؤشر داو جونز لاكبر تراجع في تاريخه في عدد النقاط بلغ 68481 نقطة (7.3 في المئة).
2002: تزوير حسابات شركتي "انرون" للطاقة و"وورد كوم" للاتصالات، أثرت سلبا على الاسواق المالية في العالم التي تراجعت بشكل سريع في الدول الاقتصادية المتقدمة.