(ماساة من المهجر
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة زواج الأجانب من يمنيات، وحملهن معهم إلى مواطنهم وحيث يقيمون. وغالباً ما يكون هذا الزواج محكوم عليه بالفشل المسبق لأنه زواج غير متكافئ، وفيه قهر وذل لبنات اليمن، وكنا قد حذرنا في مقالات سابقة من ظاهرة زواج اليمنية بأجنبي وما يترتب عليه من ضياع أخلاقي وأدبي وجسماني وإساءة لسمعة اليمن واليمنيين
.
اليوم سوف نتحدث عن ظاهرة التكافؤ بين الزوج الأجنبي والزوجة اليمنية.. ودعونا نأخذ نموذجاً حياً لهذا الزواج الذي عانينا منه وما زلنا نعاني من تبعاته- نحن في قيادة الجالية اليمنية بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية- حيث كان الزوج من الجنسية الفلسطينية ويحمل الوثيقة المصرية، والزوجة يمنية من محافظة عدن رمى بها والدها في عالم النسيان لتعيش لاجئة مع لاجئ فانتهت الزوجة مرمية في الشارع لا بيت يأويها ولا أسرة تحميها.. تأكلها نظرات الذئاب المفترسة
.
بدأ هذا الزواج رومنسياً في مدينة عدن وانتهي مأساوياً في مدينة الدمام، مخلفاً وراءه بنتان لا ذنب لهما إلا شطحات الآباء، وحماقة النساء اليمنيات اللائي ينجذبن للمظاهر الكذابة التي تظهر على الأشقاء العرب الزائرين إلى اليمن في المواسم السياحية، وللدراسة في الجامعات اليمنية.. فهؤلاء يظهرون بمظاهر الغنى وغالباً يزورون اليمن بسيارات آخر موديلات، اشتريت بالتقسيط، أو أُسْتُأْجِرَتْ من معارض إيجار السيارات المنتشرة في المملكة العربية السعودية الشقيقة ومتاحة للجميع
.
وفي ظل الغياب المتعمد من قبل الجهات المختصة في اليمن تتم عمليات الزواج غير القانوني، فيقع بنات اليمن في شراك أفعالهن، ويدخلن أقفاص الذل والمهانة باختيارهن وبرضاء أولياء أمورهن الذين لا ينظرون إلى العواقب الوخيمة التي تنتظر بناتهم فيغمضون أعينهم أمام المُهور التي تدفع بالعملة الصعبة وبالوعود الكاذبة التي يطلقها العرسان فاتحين لهم أبواب الجنة..
* رحلة العذاب والتعذيب
بدأت رحلة العذاب والتعذيب في مدينة الطائف قبل سنين مضت، ودب الخلاف بينهما نظراً لاختلاف الثقافة والعادات والتقاليد بين الزوجين. فهذا الزوج من مجتمع منفتح الأبواب على مصراعيه.. متحلل ويعيش عالة على الآخرين.. عاطل عن العمل لا يهمه شيء سوا إشباع رغباته وملذاته التي اعتاد عليها من بيئته التي يعيشها.. وهذه الزوجة من مجتمع مغلق ومتمسك بالعادات والتقاليد بيعت بسوق النخاسة لتذهب إلى فراش النجاسة في ساعة نشوة ووناسة من آباء استولى عليهم الطمع وتسرب إلى نفوسهم مرض الجشع ليعطوها من يسومها سوء العذاب.
عادت الزوجة إلى مدينة عدن عن طريق التهريب (مجهولة الهوية) تاركة زوجها الفلسطيني في مدينة الطائف.. خرجت هاربة في ليلة مظلمة من نار العذاب والضرب المبرح الذي كان يتناوب على ضربها الزوج مع إخوته الذكور
..
لحقها زوجها الفلسطيني الجلاد إلى عدن، وأمام الطمع ونذالة أولياء الأمر، وعلى رأسهم والدها- لا وفقه الله بالدنيا والآخرة- أعادوا بنتهم إلى فرن العذاب من جديد.. وهنا بدأ الزوج الفلسطيني يتفنن ويبتكر طرقاً جديدة للتعذيب، ربما تأثر بما شاهده في "أبو غريب" أو في فلسطين المحتلة من مقاطع تعذيبية للأسرى التي عرضت على شاشات الفضائيات العربية.. وفعلاً عاملها كأسيرة أو كمجرمة لديه كان يغلق الأبواب ويرتكب المحرمات أمام عينيها- هكذا كانت تروي لنا، ولقاضي المحكمة الشرعية بمدينة الدمام- قصتها والدموع تنهمر من عينيها كالمطر.. أشفقنا عليها ورحمنا ضعفها، فكيف بأولياء أمرها؟
* البحث عن الطلاق
وأخيراً استنجد أهلها بأحد اليمنيين المقيمين هنا في المنطقة الشرقية وبعثوا له بوكالة شرعية وكانت عناية الله عامل ايجابي في خلاص الزوجة اليمنية من الزوج الفلسطيني المتوحش.. وقادته الأقدار إلى المنطقة الشرقية من السعودية ولجأت البنت والوكيل الشهم والغيور على وطنه وسمعة أبناء وطنه إلى الجالية اليمنية بالمنطقة الشرقية والتي بدورها خاطبت السفارة اليمنية بالرياض وأطلعتهم بأولويات القضية، وما تعاني منه المواطنة اليمنية من زوجها الفلسطيني..
تم رفع قضية الخلع أمام المحكمة الشرعية بمدينة الدمام مستدلين بأدلة دامغة لا شك فيها وباعترافات الزوج نفسه، وتم خلع الزوجة اليمنية من الزوج الفلسطيني بموجب حكم المحكمة الشرعية الصادر بتاريخ 12 /5 / 1428هـ بعد أن اتضح لها الظلم والعذاب الواقع على الزوجة اليمنية من زوجها الفلسطيني واستحالة استمرار الحياة بينهما بإصرار الزوجة وتوسلها للقاضي أن يخلصها من عذاب الزوج وإخوته.. وفي نفس يوم الطلاق سرق الزوج منها بناتها وجواز سفرها واختفى عن الأنظار..!
وبقيت الزوجة وحيدة مجهولة الهوية عدا صك الطلاق الوحيد فتم تسكينها مع عائلة يمنية تتصل بقرابة لها حتى يتم التواصل مع أولياء أمرها، وبدأ البحث عن الطليق الهارب بواسطة السلطات والتي تمكنت مشكورة من إعادة جواز السفر اليمني لصاحبته، ولكن كانت المفاجئة أن الجواز قد انتهت صلاحيته من فترة بعيدة والزوج تعمد عدم تجديده.. وفعلاً نستطيع أن نشكر اليمني الذي توكل لها بمتابعة أمرها فقد كان مثالاً للمواطن اليمني الصالح، والغيور
.
ولكن- للأسف- أقولها للأسف الشديد أن أولياء أمر هذه الفتاة قد باعوا الكرامة والشرف بأبخس الأثمان تاركين بنتهم تواجه المجهول في بلاد المهجر لا حامي لها ولا راعي.. ولم يكلفوا أنفسهم عناء استدعائها للعودة إلى اليمن بعد خلعها من قبل المحكمة الشرعية بتاريخ 12 /5 / 1428هـ بل أمعنوا في غيهم وتركوها، بل شجعوها على العبث بحياتها وعودتها إلى المربع الأول بمحاولتها الزواج من أجنبي أخر وبعيداً عن أهلها وبتشجيع من والدها الذي لا نعتبره إلا إنسان سفهيه لا غيرة دينية على عاره وشرفه والعياذ بالله ولا على وطنه وسمعته.. وها هي تدور في حلقة مفرغة
..
فهل بعد هذا نقول إننا لا نبيع بناتنا في أسواق النخاسة فأي أُناس هؤلاء وأين يقف قانون الأحوال الشخصية وهل لامتهان مهنة "أمين شرعي" من قبل كل من هب ودب علاقة بمثل هكذا زواج؟