الماء في القرآن الكريم
الماء سائل شفاف تقوم عليه الحياة, وهو في نقائه لا لون له, ولا طعم ولا رائحة, وقد وهبه الله( تعالي)
من الصفات الطبيعية والكيميائية ما يمكنه من القيام بدوره الأساسي في أجساد كل صور الحياة.
والهمزة في اسمه مبدلة من الهاء لأن أصله( موه) وجمعه( أمواه) في القلة,
و(مياه في الكثرة), وتصغيره( مويه), والنسبة إلي( ماء) هي( مائي) أو( ماوي).
ولفظة( ماء) وردت في القرآن الكريم(63) مرة, وهي لفظة تدل علي الجمع والمفرد معا( فتقول ماء البحر كما تقول قطرة ماء).
ومن هذه المرات الثلاث وستين والتي جاءت ـ في معظمها ـ بمعني السائل المعروف الذي يشربه كل من الإنسان
والحيوان, ويروي به النبات, جاءت لفظة( ماء) في القرآن الكريم أربع مرات بمعني النطفة( أي: ماء التناسل),
كما جاءت كلمة( ماء)59 مرة غير متصلة بضمير,4 مرات متصلة بضمير من الضمائر.
وهذه المرات الثلاث وستون التي جاء فيها ذكر لفظة( ماء) أو( الماء) في كتاب الله( في إحدي وستين
آية مباركة ورد في اثنتين منها ذكر الماء مرتين) يمكن تصنيفها في المجموعات العشر التالية:
أولا: آية واحدة تدل علي أن عرش الله( تعالي) كان علي الماء هود:7.
ثانيا: آية واحدة تدل علي أن أصل ماء الأرض كله من داخل الأرض( النازعات:3).
ثالثا: آيتان كريمتان تثبتان أن الله( تعالي) قد خلق كل شيء من الماء الأنبياء:30, النور:45.
رابعا: ثمان وعشرون آية كريمة تصف دورة الماء حول الأرض بإنزاله من السماء, ودور كل من الرياح
والسحاب في تلك الدورة التي جعلها ربنا( تبارك وتعالي) لتطهير ماء الأرض, ولسقيا كل من الإنسان والحيوان
وإنبات مختلف أنواع النباتات وريها بانتظام البقرة:164,22, الأنعام:99, الأعراف:57, الأنفال:11, الرعد:17,4,
إبراهيم:32, الحجر:22, النحل:65,10, طه:53, الحج:63,5, الفرقان:48, النمل:60, العنكبوت:63, الروم:24,
لقمان:10, السجدة:27, فاطر:27, فصلت:39, الزخرف:11, ق:9, الواقعة:68, المرسلات:27, النبأ:14, عبس:25.
خامسا: خمس آيات تصف خزن ماء المطر تحت سطح الأرض بتدبير من الله( سبحانه وتعالي) وتقدير حكيم منه
,( منها آية واحدة الملك:30 ذكر فيها الماء مرتين البقرة:74, المؤمنون:18, الكهف:41, الزمر:21, الملك:30.
سادسا: ثماني آيات مباركات تشير إلي ماء له علاقة بأحداث تاريخية هود:44,24,23, القصص:23, القمر:28,12,11, الحاقة:11.
سابعا: آيتان كريمتان تشيران إلي التيمم في غيبة وجود الماء النساء:43, المائدة:6.
ثامنا: خمس آيات مباركات تذكر الماء في الآخرة إما في الجنة أو في النار( أشير في إحداها محمد:15 إلي الماء مرتين.
الأعراف:50, إبراهيم:16, الكهف:29, محمد:15, الواقعة:31).
تاسعا: خمس آيات كريمات استخدمت للتشبيه أو لضرب المثل يونس:24, الرعد:14, الكهف:45, النور:39, الجن:16.
عاشرا: أربع آيات تشير بالماء إلي النطف أي: ماء التناسل( الفرقان:54, السجدة:8, المرسلات:20, الطارق:6).
من أقوال المفسرين
في تفسير قوله( تعالي):
... وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون* الأنبياء:30
* ذكر ابن كثير( يرحمه الله) ما نصه:... وقوله( وجعلنا من الماء كل شيء حي) أي أصل كل الأحياء
, عن أبي هريرة قال, قلت: يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني, فأنبئني عن كل شيء, قال:
كل شيء خلق من ماء قال, قلت أنبئني عن أمر إذا عملت به دخلت الجنة؟
قال: أفش السلام, وأطعم الطعام, وصل الأرحام, وقم بالليل والناس نيام,
ثم ادخل الجنة بسلام( مسند أحمد بن حنبل).
* وجاء في تفسير الجلالين( رحم الله كاتبيه) ما نصه:...( وجعلنا من الماء) النازل من السماء والنابع من الأرض
( كل شيء حي) نبات وغيره, أي: فالماء سبب لحياته( أفلا يؤمنون) بتوحيدي؟.
* وذكر صاحب الظلال( رحمه الله رحمة واسعة) ما نصه:... فأما شطر الآية الثاني
وجعلنا من الماء كل شيء حي) فيقرر
كذلك حقيقة خطيرة, يعد العلماء كشفها وتقريرها أمرا عظيما.. إن الماء هو مهد الحياة الأول. وهي حقيقة تثير الانتباه حقا,
وإن كان ورودها في القرآن الكريم لا يثير العجب في نفوسنا, ولا يزيدنا يقينا بصدق هذا القرآن, فنحن نستمد الاعتقاد
بصدقه المطلق في كل ما يقرره من إيماننا بأنه من عند الله, لا من موافقة النظريات أو الكشوف العلمية له.. ومنذ أكثر
من ثلاثة عشر قرنا كان القرآن الكريم يوجه أنظار الكفار إلي عجائب صنع الله في الكون, ويستنكر ألا يؤمنوا بها وهم
يرونها مبثوثة في الوجود: أفلا يؤمنون؟ وكل ما حولهم في الكون يقود إلي الإيمان بالخالق المدبر الحكيم.
* وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن( رحم الله كاتبه) ما نصه:...( وجلعنا من الماء كل شيء حي) خلقنا من الماء كل شيء حي,
أي متصف بالحياة الحقيقية وهو الحيوان, أو كل شيء نام فيدخل النبات, ويراد من الحياة
ما يشمل النمو. وهذا العام مخصوص بما سوي الملائكة والجن مما هو حي.
* وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم( جزاهم الله خيرا) ما نصه: أعمي الذين كفروا, ولم يبصروا....,
وجعلنا من الماء الذي لا حياة فيه كل شيء حي؟! فهل بعد كل هذا يعرضون, فلا يؤمنون بأنه لا إله إلا الله؟!
وجاء بالهامش هذا التعليق
وجعلنا من الماء كل شيء حي): تقرر هذه الآية حقيقة علمية أثبتها أكثر من فرع
من فروع العلم, فقد أثبت علم الخلية أن الماء هو المكون المهم في تركيب مادة الخلية, وهي وحدة البناء في كل كائن
حي نباتا كان أو حيوانا, وأثبت علم الكيمياء الحيوية أن الماء لازم لحدوث جميع التفاعلات والتحولات التي
تتم داخل أجسام الأحياء, فهو إما وسط, أو عامل مساعد, أو داخل في التفاعل, أو ناتج عنه.
وأثبت علم وظائف الأعضاء أن الماء ضروري لقيام كل عضو بوظائفه التي بدونها لا تتوافر له مظاهر الحياة ومقوماتها.
* وجاء في صفوة التفاسير( جزي الله كاتبها خيرا) ما نصه:
.....( وجعلنا من الماء كل شيء حي) أي جعلنا الماء أصل كل الأحياء وسببا للحياة فلا يعيش
بدونه إنسان ولا حيوان ولا نبات( أفلا يؤمنون) أي: أفلا يصدقون بقدرة الله؟.