رساله الى ابني

إبنــى العزيــز، عندما يحل اليوم الذى ستراني فيه عجوزاً، أرجو أن تتحلى بالصبر وتحاول فهمي إذا اتسخت ثيابي أثناء تناولي الطعام، وإذا لم أستطع أن أرتدي ملابسى بمفردي، وتذكر الساعات التي قضيتها لأعلمك تلك الأشياء. وإذا تحدثت إليك وكررت نفس الكلمات ونفس الحديث آلاف المرات
فلا تضجر مني، ولا تقاطعني، وأنصت إليّ؛ فعندما كنت صغيراً يا بني
قرأت لك نفس القصة والحدوتة إلى أن تنـــــــام.
عندما لا أريد أن أستحم لا تعايرني ولا تتسلط علي، وتذكر عندما كنت أطاردك وأعطيك الآف المبررات لأغريك بالاستحمام.
عندما ترا بأني لا أستطيع أن أجاريك وأتعلم التكنولوجيا الحديثة
فقط امنحني الوقت الكافي، ولا تنظر إلي بابتسامة ماكرة وساخرة،
وتذكر أنني الذي علمتك كيف تفعل أشياء كثيرة، منها كيف تأكل،
وكيف ترتدي ملابسك، كيف تستحم كيف تواجه الحياة..
عندما أفقد ذاكرتي أو أتلعثم في حديثي، أعطني الوقت الكافي لأتذكر، وإذا لم أستطع فلا تفقد أعصابك، حتى ولو كان حديثي غير مهم؛ يجب أن تنصت إليّ،
وإذا لم أرغب بالطعام لا ترغمني عليه، لأني عندما أجوع سوف آكله.
وعندما لا أستطيع السير بسبب قدمي المريضة، أعطني يدك بنفس الحب و الطريقة التي فعلتها معك لتخطو خطوتك الأولى. عندما يحين اليوم الذى أقول لك فيه، إنني مشتاق للقاء الله فلا تحزن ولا تبكي حاول أن تتفهم أن عمري الآن قد شارف على الانتهاء، وفي يوم من الأيام سوف تكتشف أنه بالرغم من أخطائي، فإننى كنت دائماً أريد لك أفضل الأشياء، وأني قد حاولت أن أمهد لك جميع الطرق. فقط ساعدني على السير، ساعدني على تجاوز طريقي بالحب والصبر، مثلما فعلت دائماً معك.
بني عليك أن تساعدني على الوصول إلى النهاية بسلام، أتمنى أن لا تشعر بالحزن, ولا حتى بالعجز حين تدنو ساعتي, فيجب أن تكون بجانبي وبقربي وتحاول أن تحتويني مثلما فعلت معك عندما بدأت الحياة. حاول يا بني ان لا تجرحني بتعليقاتك أو ملاحظاتك أمام زوجتك وأولادك، بل اتركها بيني وبينك، وبالهدوء والروية.
يا بني إني أخاف عليك من يوم، ستقف فيه ذلك الموقف الضعيف أمام أهلك وأحبائك، فالدنيا دين ووفاء، وكما تدين تدان، فيا بني لا تنسى قول الله عز وجل (وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)
صدق الله العظيم. يا بني العزيز.. أحبك / أبـــــوك.