( نص المقال )
( الشكلة ) وحكايات سياسيين وبرلمانين لقطاء وأبناء عاهرات
الشورى العدد 637 الأربعاء 2/ربيع أول الموافق 9/4/2008م
التخريب والفوضى والاحتجاجات والتحريض ودعاوى الانفصال وعلاقتها بأبناء (( الشكلة ))
في لحظة مصارحة مع الذات تملكني خلالها شعور بالقرف من الوضع والسياسة والمهاترات والأخذ والرد والتنظير والتوعية والكتابة والصحافة التي لم يعد لها من جدوى مهما اجتهد القائمون عليها ومهما تعمقت أطروحاتها – فجأة وجدتني أسأل الذات – هل يا ترى سوء الأحوال المعيشية مبرر كافي لجعل الواحد منا يتخلى عن مبادئه وثوابته الوطنية ؟ هل البطالة والعجز عن الكد والاجتهاد والسعي لإيجاد فرصة عمل مبرر كافي لدفع صاحبه للانتقام من كل شيء , حوله والقيام بأعمال التخريب والهدم للمصالح والمكتسبات العامة والعصيان والتمرد والارتماء في أحضان الأعداء والارتهان لهم وتنفيذ مخططاتهم التدميرية ضد الوطن والأمن والاستقرار ؟! وبعد لحظة سكون مطولة حاولت خلالها إقناع نفسي بتلك المبررات محاولاً جعلها موضوعية ولكن دونما جدوى فقد حضرتني جملة من الشواهد والمواقف التاريخية التي تؤكد أن الوطن ومكتسباته يظل فوق كل شيء الحضن الدافئ لاحتواء كل من نشأوا على تربته وأكلوا من خيراته وأن لا مبرر على الإطلاق يجيز لأي كان أن يمس بشيء من ثوابته , حينها وجدتني أطرح تساؤلاتي تلك على صديقي القاص المثقف الحصيف المقيل بجواري على أمل أن أجد منه إجابة شافية تزيح عني حيرتي .
وبعد أن استعرضت معه كافة الأحداث التي تشهدها بلادنا الوقت الحالي سيما في بعض المناطق الجنوبية وما يقوم به البعض من الفوضويون من أعمال تخريب وهدم وإساءة للوطن وتشويه سمعته على الصعيد الخارجي , رد قائلاً ليس هناك مبرر أو حق يجيز لأحد ارتكاب مثل تلك الأعمال والتصرفات الهدامة بحق الوطن على الإطلاق ,
وهو ما معناه أن صديقي هذا يوافقني الرأي تماماً – حينها بادرته بسؤال آخر , طيب يا أخي ما التفسير المقنع لكل هذه الفوضى والعبث ؟! ماذا يريد القائمون عليها ؟ فأجاب علي بالقول : إنهاء الشكلة – ثم سرد القصة التي تتلخص في أن هذا المصطلح العامي كان متداولاً في بعض المناطق اليمنية سيما الجنوبية منها خلال سنوات ما قبل الثورة وبعدها بشكل كبير و " الشكلة " هو المكان الذي يتربى أو ينشأ فيه ما يطلق عليهم بــ " الملقطين " من أبناء بائعات الهوى , وطبعاً كلنا ندرك حقيقة هكذا أماكن والمباديء والأخلاقيات التي تعلم فيها .
والقصد هنا أن من يقومون بتلك الفوضى ومن يقفون وراءها ويقومون بتمويلها هم أساساً خريجو " الشكلة " ولو أنهم كانوا غير ذلك لوجدنا لديهم شيئاً من الوطنية .
وبصراحة أنا أمعنت النظر في هذه الإجابة ملياً وبالفعل توصلت إلى قناعة تامة أنها الحقيقة ولا شي غيرها , فمن يخل بثوابت الوطن ويعتدي على المصالح العامة ويقوم بأعمال الهدم والتخريب ويشهر سلاحه في وجه الدولة معلناً صراحة تمرده عليها ليس سوى لقيط وابن عاهرة لم يجد في صغره من يعلمه ويوعيه ويغرس بداخلة مباديء حب الوطن والحفاظ على مصالحه ومكتسباته .
ومن يبيع نفسه للخارج ويجند ذاته في سبيل إذكاء نار الفتنة وتأجيج الصراعات المناطقية والعرقية في وطنه ليس سوى ابن ساقطة قاده شذوذه للارتماء في أحضان كل من هب ودب وأصبح أسير " محنته " التي تأكل مؤخرته ليلاً ونهاراً تجبره ليس على خيانة وطنه وحسب وإنما على المتاجرة بعرضه إن كان له عرض .
وقد تذكرت ساعتها الحديث الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم القائل (( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس )) صدق رسول الله , وما يقوم به هؤلاء اللقطاء خريجو حضانة " الشكلة " من فوضى في البلاد خير دليل على العرق الخسيس والنجس الذي تكونوا منه .
المشكلة أنه وبفعل الأحداث والتحولات الكبيرة التي شهدتها بلادنا خلال العقود الماضية والتي حققنا خلالها الكثير من الانجازات والمكاسب كان أهمها إرساء نظام ديمقراطي حقيقي وفتح آفاق الحرية والرأي والرأي الآخر أستطاع الكثير من أبناء بائعات الهوى أن يندمجوا في أوساط الشعب ويكونوا لأنفسهم ثروات ويتعلموا وبالتالي صاروا يوهمون الآخرين بأنهم أبناء ذوات فانخرطوا في العمل السياسي وشغلوا مراكز في بعض الأحزاب ومنهم من دفع به حزبه للترشح في الانتخابات ليكون ممثلاً للآلاف من الناس البسطاء في البرلمان وبالفعل كان لهم ذلك , وهؤلاء نجدهم اليوم الأكثر نزقا وفوضى في الأوساط السياسية والأكثر احتجاجاً وتحريضاً على التمرد على النظام والتخريب والانفصال والشواهد على ذلك كثيرة ويكفي إن نمعن النظر في إحدى جلسات البرلمان وما يدور فيه من مهاترات من قبل بعض الأعضاء ممن يطلقون على أنفسهم ممثلي المعارضة وسنكشف بجلاء اللقيط منهم والأصيل , فالأول هو ذاك الذي يحرض على الدوام على رفع صوته والتشدق والتطاول على أسياده من الوطنيين والشرفاء وهو الذي ما إن يسمع عن واقعه فوضى أو حماقة أو عملية تخريب إلا وتجده ينبري معلناً تأييده لمن ارتكبوها لعلمه المسبق أنهم ينتمون لعرق وحضانة واحدة , وهو أيضاً الذي نجده يقف معارضاً ومحتجاً لأي قرار أو إجراء تقوم به الدولة بحق مخربين أو خونه أو عابثين , والمناوشات التي شهدها البرلمان عقب إصدار قرار إلغاء ترخيص صحيفة " الوسط " مؤخراً خير دليل على ذلك , وباختصار أبناء بائعات الهوى هم أولئك الذين نجدهم يتشدقون هنا وهناك أمام وسائل الإعلام المحلية والخارجية يتباكون أمام العالم مصورين الوضع العام في البلد على أنه حريق ونار وأن النظام الحاكم فيه طاهوش أو وحش مفترس يفتك بالجميع يحرفون الأحداث ويزيفون الحقائق غير عابئين بشيء مما قد يتكبده الوطن جراء صرخاتهم تلك من خسائر فادحة وكارثية وكل همهم هو النيل من كل ما هو جميل في الوطن بشكل عام , أما أبناء الأصول الحقيقيون فهم أولئك الذين يعارضون بأساليب ديمقراطية وحضارية جادة مراعين في أفعالهم وأقوالهم كل المصالح الوطنية ملتزمين بكل الثوابت .
.