[img][/img]كان يعيش أجواء بهجة التكريم ولم يكن يخطر بباله أن يومه سيختتم بمشهد رعب مناقض تماما للحظات الأمل التي منحه إياها حفل التكريم. لم يكن عبد الله سعد غازي الريمي يعرف أنه خطير لدرجة أنه يومذاك سيصبح حديث الإعلام المحلي والخارجي أو أنه سيسجل ضمن الإنجازات التي يضيفها الأمن إلى رصيده، وربما كان مثله مثل أي طالب حضر الحفل يطمح لأن تمر عليه كاميرا التلفزيون فيحظى بلقطة ليحدث أقرانه أنه «طلع بالتلفزيون ذات يوم».
من الصورة التي التقطت لعبدالله في الحفل بقاعة الشوكاني في كلية الشرطة كان يبدو وجميع زملائه يرتدون زيا موحدا ووشاحا جميلا يزينه لا ينقصه علم الجمهورية.
يقول المحامي عبد الباسط غازي - شقيق عبدالله- أن الحفل كان بهيجا بما يكفي لإضفاء الفرحة على 100طالب من حفظة القرآن هو بالنسبة لهم الاحتفال الأول، وربما كان ذلك سببا كافيا لإقناع عبد الباسط بتفريغ جدوله وتلبية دعوة أخيه الصغير لحضور الحفل بعد أن أعطاه الدعوة في الليلة الماضية، وشدد على حضوره.
تتالت الكلمات وفقرات الحفل الذي اختتم بكلمة عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية راعي الحفل وطلب وزير الأوقاف من الحفاظ البقاء في القاعه لتسلم جوائزهم بعد مغادرة الضيوف. الخطة الأمنية كانت تقتضي عكس ذلك فبعد مغادرة الضيوف القاعة أغلق الأمن السياسي أبواب القاعة مبقيا على نصف من جانب الباب الرئيس مفتوحا وعليه رتل من أفراد الأمن المدججين بالسلاح والمتوقعين لمواجهة قد تحدث.
خرج الطلاب بهدوء وانسيابية وسار عبدالله في الطابور كزملائه بعد أن قرر الأمن تأجيل تسليم الجوائز حتى موعد آخر فلا يهمهم أن يفرح الطلاب بقدر ما يهمهم التسريع في تحقيق الإنجاز الذي قال المصدر أنه تم بعد جهود أمنية مضنية، لم يتمكن عبدالله من العبور كزملائه فاختنقت به البوابة، ليجد أيدي رجال الأمن مطبقة عليه من كل اتجاه، يبدو أن منفذي العملية لم يصدقوا أن العملية تمت بتلك السهولة، فلم يحدث من قبل أن قبض على إرهابي دون مقاومة أو إطلاق نار.
التواجد الكثيف للأمن في قاعة الشوكاني واختتام الحفل بهذه الطريقة كان كافيا لبث الرعب في نفوس شباب يافعين أعمارهم بين 15-22عام.
وبحسب مصادر مقربة من غازي فإن الأمن السياسي كان قد طلب من مؤسسة الوحيين- الجهة المنظمة للحفل في اليوم السابق كشف يضم أسماء المكرمين وبطائقهم الشخصية من ضمنها جواز سفر عبدالله الذي لم يكن به سوى تأشيرة السفر للعمرة..
يقول عبدالباسط «لو كان أخي إرهابيا لما حضر حفل برعاية نائب رئيس الجمهورية هو يعلم أن الأمن سيتواجد فيه بكثافة»، لكنها الياء اللعينة التي أودت بفرحة عبدالله وطيرت قلب أمه فزعا على ولدها الذي لم يعرف السجون ولا يفضل عادة حتى حمل الجنبية - استعارها من أخيه في يوم الحفل - ناهيك عن حمل السلاح.
عبدالله سعد غازي الريمي -22عاما- طالب سنة ثانية في جامعة الإيمان- من سوء حظه أن آخرا اسمه عبدالله سعيد غازي الريمي هو قيادي خطير في القاعدة وأحد الفارين من سجن الأمن السياسي يجري البحث عنه- بحسب وزارة الداخلية.
ومنذ أكثر من اسبوعين لا يزال عبدالله في المعتقل .. فإذا اشتبهت على الأمن السياسي الأسماء فهل عمي مسؤولوه عن التمييز في الصور أم أنهم لا يريدون أن يصبح الانتصار الذي حققوه خطأً - بحسب عبد الباسط غازي- أخو المعتقل الذي يؤكد أن الأمن رفض أن يمكن أقاربه من زيارته ويضيف «رحنا الى هناك أنكروا وجوده»، ويحمل وزير الداخلية مسؤولية أي أذى قد يتعرض له أخوه في السجن.
وكان النائب مفضل اسماعيل غالب دعا الأجهزة الأمنية الى التدخل لإطلاق سراح المذكور ورد اعتباره، وانتقد أجهزة الأمن على مثل هكذا تصرف.
وقال غالب «إما أن تكون الأجهزة الأمنية تغطي عجزها بالقبض على أي شخص أو أنها متواطئة مع المتهم الحقيقي الهارب وتريد تقديم ضحية جديد.
فرق في العمر وفرق في الصورة وفي المنطقة التي ينحدر منها كل من المطلوب والمقبوض عليه إلا أن ذلك يبدو غير كاف لتفيق الأجهزة الأمنية من نشوتها وتطلق سراح الريمي وتعتذر له في وسائل الإعلام كما احتفت بالانتصار بالقبض عليه.. ولا يزال عبدالله على موعد مع استلام جائزته التي حجزتها وزارة الأوقاف وعزومة الغداء التي كان جهزها له أخوه في المنزل، كما لا يزال على موعد مع إتمام مراسم الخطوبة التي كان مقررا إجراءها فور تسلمه مبلغ مائة ألف كجائزة.