لا أعلم لما تعتني حواء بزوجها في أول الحياة الزوجية ,و يكون هو محور حياتها,و مركز اهتمامها!!!فتعتني بزينتها,و رشاقتها من أجل كسب قلبه ,بل إنها تتخطى المستحيل لأجل إرضائه,و لكنها بمجرد ما ترزق بأول مولود حتى تبدأ في إهمال زينتها و رشاقتها فتأخذ في التهام الدهون و السكريات و النشويات بحجة تغذية الطفل وإرضاعه,فيزداد وزنها يوما بعد يوم!!فذلك الشعر الحريري الناعم أصبح كأنه منشة تنظيف قديمة,و قد يحلو لها أن تتأنق فتضع عليه منديلا و تشده إلى الخلف,و ذلك الفستان الحريري الأخضر الذي كان يعجب زوجها قد علاه الغبار داخل الصوان,و استبدلته بقمصان النوم الفضفاضة فبدت و كأنها فلاحة في و سط الغيط .
فهي لم تعد تحتمل الفساتين الضيقة لأن الخصر النحيل الذي كان يتغزل به الزوج قد دفن بين ركام الشحوم الهائلة .
و تلك الرائحة العطرية الحالمة كانت تفوح منها ,فتطرب قلب زوجها قد نافستها رائحة الحليب المختمر المنسكب على الملابس.
و ذلك الصوت الناعم الذي كان يترنم أعذب الكلمات قد أصبح صوتا أجشا ينعق بكلمات التأفف و التذمر والتعب .
و غرفة النوم التي كانت تحمل أجمل الذكريات تحولت إلى مستشفى للأطفال فالحفائظ موضوعة فوق التسريحة,و علب الحليب مصفوفة على أرفف الدولاب ,و الأدوية مبعثرة على الخزانة الصغيرة الموضوعة بجانب السرير.
إن تغيير الحال و انقلاب الحياة الزوجية رأسا على عقب بعد أول مولود يجعل آدم يفر هاربا من جحيم الفوضى_و حق له_انه يفر إلى المقاهي,و منتجعات الأصدقاء,و قد يزين له البعض السفر إلى الخارج لرؤية مباهج الحياة, و هكذا يصبح الزوج رفيقا للطيور المهاجرة.
و تظل حواء بعد ذلك تحكي مأساتها مع هذا الزوج الفار الذي لا يعرف قيمة الحياة الزوجية,و نسيت أنها بطلة هذه المأساة و هي كاتبة النص و مخرجة القصة .