وأما الاستخارة فهي أن يصلي العبد ركعتين ـ من غير الفريضة ـ ثم إذا فرغ منها طلب من الله أن يوفقه لخير الأمرين وأن يرضيه بما يكتب له. وذلك إذا أراد الإنسان أن يُقْدِم على أمر جديد من شراء أو زواج أو عمل. ويقول (اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك. اللهم إن كنت تعلم أن ـ ويسمي حاجته ـ خير لي في ديني ودنياي فيسره لي. وإن كنت تعلم أن ـ ويسمي حاجته ـ شر لي في ديني ودنياي فاصرفه عني ورضِّني بما تكتب لي).
أما سجود الشكر فيسن إذا نجا المسلم من شدة، أو تمت له نعمة، لما روي عن أبي بكرة، رضي الله عنه، (أن النبي ³ كان إذا جاءه أمر يَسُرُّه خر ساجدًا شكرًا لله تعالى) رواه أبو داود وابن ماجه. وكذا ورد سجود كعب بن مالك لما أنزل الله توبته.
وأما سجود التلاوة فيُسن فيه أن يسجد المسلم إذا قرأ آية السجدة، أو كان يستمع إلى قارئ وسجد القارئ. وسواء أكانا في الصلاة أم خارجها، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال : (سجدنا مع رسول الله ³ في: إذا السماء انشقت، و اقرأ باسم ربك). رواه مسلم. والسجدات في القرآن كله خمسة عشر موضعًا من القرآن الكريم. وسجود التلاوة هو سجدة واحدة على هيئة سجود الصلاة.
وتكون صلاة السفر إذا أراد أن يبدأ سفرًا أو عاد منه، فيُستحبُّ أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويسأل الله من فضله.
ويستحب أن تكون صلاة القدوم من السفر بالمسجد، فيصلي المسلم ركعتين لحديث كعب بن مالك (أن رسول الله ³ كان لا يقدم من سفر إلا نهارًا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه). رواه مسلم وغيره.
صلاة أصحاب الأعذار. الإسلام دين الرحمة، ولا يكلِّف الله نفسًا إلاَّ وسعها، فرخص للمريض والعاجز والمسافر والخائف بأمور. والله يحبّ أن تُؤتى رخصه كما يحبّ أن تؤتى عزائمه. ومما رخَّص به : 1- يَسقُط عن المريض القيام والركوع والسجود إن كان يتضرر بذلك فيتألم أو يزيد المرض، أو يتأخر الشفاء. للحديث (صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب) رواه البخاري. وقد صلى النبي ³ قاعدًا من ألم، متفق عليه. ويومئ صاحب العذر بالركوع والسجود، ولو عجز عن الإيماء برأسه أومأ بطرفه ـ عينه ـ ولا تسقط الصلاة ما دام عقله معه. 2- تسقط عن المريض الجُمع والجماعات والأعياد. 3- يسقط عن العاجز استقبال القبلة، كما لو كان على راحلة لا تطاوعه، أو كانت مقطورة بقافلة، ويلزمه التوجه للقبلة في ابتداء الصلاة، ولو تحولت الراحلة بعد ذلك لا يضر لفعل النبي ³ ذلك. 4- يسقط عن العاجز شرط طهارة المكان وستر العورة إن كان محبوسًا في مكان نجس، أو جُرِّد من ثيابه. كما يسقط عنه شرط الطهارة إن لم يجد ماء ولم يتمكن من التيمم.
صلاة القضاء. إذا نام إنسان عن الصلاة أو نسيها حتى خرج وقتها فإنه يصليها إذا ذكرها في غير وقتها كما يصليها في وقتها. وهناك صلاة الإعادة. وتكون حال وقوع الصلاة غير مستوفية للشروط أو الأركان، كأن تبين له عدم الطهارة أو عدم الإتيان بركن من الأركان. فحينئذ يجب إعادة الصلاة. وتسمى الصلاة الثانية: صلاة الإعادة.
شروط الصلاة
للصلاة شروط منها ما هو شرط وجوب، ومنها ما هو شرط صحة.
شروط الوجوب. هي العقل والبلوغ. وهما مناط التكليف في العبادات كلها، فلا تجب الصلاة على صغير ولا على مجنون. وقد فرض الله الصلاة على عباده جميعًا ولكن الكافر لا تصح منه فيُؤمر بالإيمان أولاً ثم الصلاة. ولا تسقط عن عاقل بالغ في سفر ولا حضر ولا مرض إلا عن المرأة أيام حيضها ونفاسها.
شروط الصحة. هي دخول الوقت، والطهارة من الحدث، وستر العورة، والطهارة من النجاسة، واستقبال القبلة، والنية.
دخول الوقت. لا تُصلى الصلاة قبل وقتها لحديث جبريل حين صلى بالنبي ³ الصلوات الخمس. كل صلاة في وقتها.
الطهارة من الحدث. جاء في الحديث: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) متفق عليه. وإذا كان حدثًا أكبر ـ جنابة أو حيضًا أو نفاسًا ـ فيلزم له الغسل. وتكون الطهارة بالماء الطاهر، فإن لم يوجد أو لم يمكن استعماله فبِالتراب الطاهر. والطهارة غُسل ووضوء وتيمم.
ومعنى الغُـسْلُ تعميم البدن بالماء، وهو مشروع في أشياء كثيرة، منها مثلاً: الجنابة، لقوله تعالى: ﴿ وإن كنتم جنباً فاطهروا﴾ المائدة: 6 . وموجباته: 1- خروج المني. 2-التقاء الختانين. 3- انقطاع دم الحيض والنفاس. (ويحرم على أصحاب هذه الحالات الثلاث الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله والتلاوة والبقاء في المسجد). 4- الموت. 5- الكافر إذا أسلم. وأركانه: النية وغسل جميع الأعضاء. وكيفيته: أن يتوضأ الإنسان وضوء الصلاة ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات ثم يفيض الماء على بقية جسده مبتدئاً بالميامن قبل المياسر، كما فعل النبيّ ³. والغسل الواحد يجزئ عن أكثر من موجب، فيكفي مثلاً غسل واحد لجنابة وصلاة عيد وصلاة جمعة، إذا صادف العيد يوم الجمعة. ومن الأغسال المستحبة: الغسل للجمعة، والغسل للعيدين، وغسل الإحرام، وغسل دخول مكة، وغسل الوقوف بعرفة. وزاد بعض الفقهاء غسل من غسل ميِّـتاً، وغسل الإغماء، وغسل مزدلفة، وغسل دخول المدينة المنورة.
وأما الوضوء فهو غسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين. والوضوء الأكمل هو وضوء النبي ³ وهو: غسل اليدين إلى الرُسْغين ثلاثًا، ثم المضمضة والاستنشاق ثلاثًا، ثم غسل الوجه ثلاثًا، ثم غسل اليدين اليمنى فاليسرى إلى المرفقين ثلاثًا، ثم مسح الرأس واحدة، ثم غسل الرجلين إلى الكعبين ثلاثًا.
وأما التيمم فهو ضربة بالكفين على التراب الطاهر، ثم ينفضهما وينفخ فيهما، ثم يمسح بهما وجهه ثم يمسح يديه إلى المرفقين، أو ضربة للوجه وأخرى لليدين، ويكون التيمم طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء، أو عند العجز عن استعمال الماء لمرض أو خوف من مرض أو غلاء سعر الماء.
إلا أن التيمم لا تجوز به إلا صلاة واحدة ثم يجدده للصلاة الثانية. بخلاف الوضوء الذي تجوز به أكثر من صلاة.
يُجزئ التيمم عن الوضوء كما يُجزئ عن الغسل، قال تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبًا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء، فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ﴾ المائدة: 6 .
والتيمم مما اختص الله به هذه الأمة كما جاء في الحديث: (أُعطيتُ خمسًا لم يُعطهن أحد قبلي، نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلتْ لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأُحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامة) متفق عليه من حديث جابر.
ستر العورة. والعورة هي الأمر المستقبح أو المنتقص، مما لا يحِبُّ الإنسان السوي أن يطّلع عليه أحد. والمقصود هنا ما يجب ستره في الصلاة، بما لا يصف ولا يشف. والستر صفة بني آدم المتحضرين وكشف العورات صفة الهمج.
وعورة الرجل ما بين السرة والركبة. ولكن يُستحب ستر سائر البدن سوى الوجه والكفين والقدمين، ويستحب في الصلاة لبس أنظف الثياب وأجودها. وعورة المرأة كل بدنها سوى الوجه والكفين في الصلاة.
الطهارة من النجاسة المادية. ويُقصد بها طهارة الثوب والبدن والمصلَّى من النجاسة كبول أو خمر أو دم أو قيء. لقول ا تعالى : ﴿ وثيابك فطهر﴾ المدثر : 4 . ولقول النبي ص (الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة) رواه أبو داود. ونهى أن يُصلى في المزبلة. وللحديث (أنصلِّي في مَبارِك الإبل؟ قال: لا) رواه مسلم.
استقبال القبلة. وهو التوجه بالصدر والوجه ومتابعة القلب تلقاء البيت الحرام. قال تعالى: ﴿ وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾ البقرة : 144 .
النِّيّة. وهي القصد ومحلها القلب. والمقصود أن ينوي صلاة بعينها. والنية ينبني عليها الفعل وأثر الفعل من فرض أو سنة، ومن عمل خالص إلى رياء، مع أن المظهر واحد.
أركان الصلاة
1 ـ النية. 2ـ التكبيرة الأولى وتسمى تكبيرة الإحرام. 3ـ القيام للقادر في الصلاة المفروضة. 4ـ قراءة الفاتحة. 5ـ الركوع، وهو الانحناء إلى الأمام بوضع اليدين على الركبتين. 6 ـ الاعتدال من الركوع. 7ـ السجدتان، ويكون السجود على الجبهة واليدين والركبتين والقدمين. 8ـ الجلوس بين السجدتين مع طمأنينة. 9 ـ التشهد الأخير. 10 ـ التسليم ـ هذه ركعة ـ والتشهد الأخير يكون بعد ركعة واحدة كما في صلاة الوتر وبعد ركعتين إذا كانت الصلاة ثنائية ـ كصلاة الصبح. وبعد ثلاث ركعات إذا كانت الصلاة ثلاثية كصلاة المغرب. وبعد أربع ركعات إذا كانت الصلاة رباعية كصلاة الظهر والعصر والعشاء.
وإذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية ففيها تشهد بجلوس بعد كل ركعتين وهذا التشهد يسمى التشهد الأول وليس التشهد الأول ركنًا من أركان الصلاة.
هذه هي أركان الصلاة التي تصح بها وتبطل إذا سقط أحد أركانها.
وتبدأ الصلاة بالنية والتكبير مع رفع اليدين. ويقرأ المصلي دعاء الاستفتاح ثم الفاتحة وما تيسر من القرآن في الركعتين الأوليين، وفي الأخيرتين بالفاتحة فقط، هذا في الفرائض. وأما في السنن فيقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن في الصلاة كلها، ثم الركوع مع التكبير. والنهوض من الركوع مع قول ـ سمع الله لمن حمده ـ للإمام والمنفرد أما المأموم فيقول: ـ ربنا ولك الحمد ـ ثم السجود، والنهوض من السجود ثم السجود ثانية، ثم القيام للركعة الثانية، وهي كالركعة الأولى. ثم يقعد بعد السجود ويقرأ التشهد ثم السلام.
إذا كانت الصلاة ثُلاثية أو رباعية قام المصلي فأتى بما بقي من الركعات بعد التشهد الأول، ثم قعد وتشهد ثانية وسلم. هكذا نقل الصحابة صلاة النبي ³.
سجود السهو
إذا نسي المصلي شيئًا من السنن في الصلاة كالقعود الأول للتشهد الأول؛ أو نسي ركنًا ثم جاء به أو زاد في الصلاة شيئًا عن طريق الخطأ؛ فإنه يسجد سجدتين قبل السلام ثم يسلم ولو سجد بعد السلام جاز، ويسمّى هذا بسجود السهو
تم بحمد الله...
[list=1][*]